أين رشيــدة ؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أين رشيــدة ؟
أين رشيــدة ؟
<hr style="COLOR: #d1d1e1" SIZE=1>
ويسألونك عن الوطن
قل لم احضر ولادته ولن احضر وفاته ،
وسأظل إنسانا على أي ارض وإن لم أحمل جنسيتها .
ورب يعطي الملك من يشاء ويعز من يشاء ليذل به من يشاء
ولا اعلم ذنبا لي سوى البكاء حين ولدت
ولا احسبه ازعاج للسلطات ،
أو إعلان عن فم جديد سيطالب بحق في التعليم وفي الصحة وفي الكرامة .
و حق في بقعة من مكان ما او في طابور ما اسبط فيها قدمي واترقب فضلا وفضالة .
بكيت لأنني اختنقت بهواء جله من انفاس المخنوقين
وما خنقونا ولكن كنا لأنفسنا خانقون .
نظن أن الأرض لا يملكها أحد
وأسوار ، واسلاك شائكة ، وعلامات اسمنتية كتب عليها " أملاك حكومية ".
ونظن أن السماء لا تمتليء أبدا ، ولا تفنيها الطيور بترحالها
ورادار وطائرات لا تحلق فيها ولا تخترقها إلا بـ سلطان وزير
ويوم وطني يشبه الأعياد إلا انه لا صلاة فيه .
ولذلك فلا زكاة قبلها ولا فقراء ومساكين يتعففون ينتظرون بأكياسهم بعضا مما يحسبون فيه وطنا ولا هم
بمواطنين
ويسألونك عن فائض الميزانية .
قل هي لأفواه تتسع كلما كبر الفائض ، وجنان من ورق ، لا عين رأتها ولا أذن تسمعها ، ولن يفعلون
ووطن مدان ، واوطان تطالبنا بتسديد ديونها ، وحين عجزت عن بيتها ، اتقنا الكرم في بيوت الجيران .
ودعهم في سرقاتهم ينهلون
ومواطن تحسب له الخدمة بعشرة أضعافها
وتحسب عليه بسبعمائة .
ووزراء كل أحلامهم أضغاث ، ويأكلون من روؤسنا الصدق ويبيعوننا الوهم
ومجلس شورى من خلفه سد ومن فوقه سد ومن تحته سد .
ومن بين أيديهم لجان لا تسفر عن نور
قل أنا في بلادي
شبيه بالأعادي
وفي الشوارع خرجت أبحث عن رجل اعبر له عن شعوري ، احلم بأن أخبرهم كم هي " حكومتنا رشيدة "
أريد أن أقف على طرف رصيف مكسور ، بالقرب من حفرة لا هي هاتف ولا ماء ولا حتى صرف ، ولكنها
مشروع ما ينجزه الوطن وسأسمع عنه في الجرائد ، وسيخبرونني أنه من أجلي .
أريد أن أقف بجوار مطعم على بابه سيدة تحتضن طفل رضيع ، وتمد يديها يقفازات تسترها ، وتطلب ريالا
وخمسة وستة ، كي أشرح كم هي " حكومتنا " تنهتم بالفقراء والمساكين وكيف ان الجمعيات الخيرية لم
تبقي أحدا يمد يديه للناس .
بحثت عن ذلك الرجل
ووصفتخ لهم .
قلت من المفروض انه مواطن مثلي ، يحمل كاميرته ومايكرفونه ، ويدور بين الناس بتفويض من جريدة ما ، أو
قناة ما . لينقل مشاعر الناس لحكام الناس . لم يسمع به أحد
ولم يشاهده أحد
ولكن موكب طويل يمر بي سريعا ، ويخطف بصري نحو وسط المدينة ، حيث أكبر مراكز الحكومة ، وحيث
مكتب المدير العام للمدينة . لحقت بهم أريد المشاركة بالتشجيع والتعبير عن حبي لهذا الوطن . أوقفوني
على الباب وأخبروني أن هذا المكتب لا يدخله إلا مواطنين خاصين ، من فئة الـ VIP وأعلم أن فئتي هي o-
وأن بنوك الدم تفرح بحضوري جدا وتقول لي انت نادر جدا . ومهم جدا ، وخاص جدا .
ويبقونني ممدا في راحة يلبون لي كل طلباتي من الشراب والأكل .
إن دمي VIP
أريد أن ادخل
أريد أن اشارك في الاحتفال
وشاهدت من ابحث عنهم
هناك يستابقون على شخص واحد يتكلم نيابة عني ، اسمعه يقول إن المواطن وإن المواطن وإن المواطن ، وأنا
على الباب حاضر ، اريد ان اتحدث بنفسي ، الست انا المواطن الذي يتحدث نيابة عنه ؟
وبدأت أصارخ ، أنا المواطن يا رشيدة
أنا المواطن يا رشيدة
نسبة إلى حكومتنا الرشيدة .
وجائني رجل من طرف الإمارة يسعى ، ماذا تريد ؟
ولم ينتظر الإجابة .
اخبرني أن اكتب كل ما أريد قوله في ورقة ، واقدم معها صورة من بطاقة احوالي المدنية ، وصورة شخصية ،
وحتى مقدمة الخطاب كفاني بها فكانت مطبوعة جاهزة .
إلى صاحب العلو الفلكي المنير / .......... / حفظه الله ورعاه
أنا المواطن / .............
ارفع إليكم خطابي هذا وارجوا من الله أن يجد لديكم قبولا
.....................
..........
الاسم
التوقيع
رقم البطاقة .
حاولت أن اشرح لهذا الرجل ، أن كلماتي البسيطة لا تستطيع الارتفاع أكثر من مستوى رأسي ، فكيف ارفع
خطابا بهذا الحجم ، وأن رقم بطاقتي طويل لا استطيع حفظه ، والبطاقة الضائعة تنتظر انهاء معاملتها ، والتوقيع
الذي أجيده هو ذلك الذي يشبه توقيعي في محاضر الحقوق المدنية حيث يطالبونني بسداد ديون لم استلم منها إلا
نصفها .
اخبرته
اريد أن اشكر الدولة والوطن
والحاكم والوزراء
اريد أن احبهم على الهواء مباشرة ، وأن ابتسم واضحك كي تطمئن امي التي تركتني ابتعد عنها الآف الأميال
بحثا عن وظيفة ، اريد أن يراني أصدقائي ومن حولي أشخاص يتقافزون كي اثبت لهم أن مكاني ليس قرية نائية
كما يزعمون ، وأن فيها شوارع وإنارة ولها مكتب كبير يديره رجل أكبر .
أريد أن اصرخ بكلمة " حكومتنا الرشيدة " كي يطمئن أبي أنني لست أعارض ، ولا اريد سوى أن أعيش
ويتيقن أنني اعمل بنصيحته حين قال لي أن احمد الله ، ففي عهده كان يرعى الغنم ولا يجد للعيد شيء يلبسه ،
وأن النفط ليس لي شأن فيه ، وأن الميزانية لا تخصني ، وأن ليس لي فيها سوى راتب امضغ به الخبز وتجرع به
الماء ، واتغرغر بما تبقى منه كي اعيش .
اريد أن اخبرهم أنني سعيد باليوم الوطني .
قال لي الرجل أن اكتب كل هذا في نفس الورقة ، وفعلت ، واعطاني رقما كي اراجع الصادر والوارد ، كي
اتحدث بمثل هذا في اليوم الوطني القادم .
إلى صاحب العلو الفلكي ،
أنا المواطن / فلان الفلاني
أريد أن اعرف / أين رشيدة ...؟
ويعلمون أننا لا نموت
لأننا لم نحيا
ويعلمون أننا نشبع
لأننا لا نجوع
ويعلمون أنني نرضى
لأننا لم نغضب
<hr style="COLOR: #d1d1e1" SIZE=1>
ويسألونك عن الوطن
قل لم احضر ولادته ولن احضر وفاته ،
وسأظل إنسانا على أي ارض وإن لم أحمل جنسيتها .
ورب يعطي الملك من يشاء ويعز من يشاء ليذل به من يشاء
ولا اعلم ذنبا لي سوى البكاء حين ولدت
ولا احسبه ازعاج للسلطات ،
أو إعلان عن فم جديد سيطالب بحق في التعليم وفي الصحة وفي الكرامة .
و حق في بقعة من مكان ما او في طابور ما اسبط فيها قدمي واترقب فضلا وفضالة .
بكيت لأنني اختنقت بهواء جله من انفاس المخنوقين
وما خنقونا ولكن كنا لأنفسنا خانقون .
نظن أن الأرض لا يملكها أحد
وأسوار ، واسلاك شائكة ، وعلامات اسمنتية كتب عليها " أملاك حكومية ".
ونظن أن السماء لا تمتليء أبدا ، ولا تفنيها الطيور بترحالها
ورادار وطائرات لا تحلق فيها ولا تخترقها إلا بـ سلطان وزير
ويوم وطني يشبه الأعياد إلا انه لا صلاة فيه .
ولذلك فلا زكاة قبلها ولا فقراء ومساكين يتعففون ينتظرون بأكياسهم بعضا مما يحسبون فيه وطنا ولا هم
بمواطنين
ويسألونك عن فائض الميزانية .
قل هي لأفواه تتسع كلما كبر الفائض ، وجنان من ورق ، لا عين رأتها ولا أذن تسمعها ، ولن يفعلون
ووطن مدان ، واوطان تطالبنا بتسديد ديونها ، وحين عجزت عن بيتها ، اتقنا الكرم في بيوت الجيران .
ودعهم في سرقاتهم ينهلون
ومواطن تحسب له الخدمة بعشرة أضعافها
وتحسب عليه بسبعمائة .
ووزراء كل أحلامهم أضغاث ، ويأكلون من روؤسنا الصدق ويبيعوننا الوهم
ومجلس شورى من خلفه سد ومن فوقه سد ومن تحته سد .
ومن بين أيديهم لجان لا تسفر عن نور
قل أنا في بلادي
شبيه بالأعادي
وفي الشوارع خرجت أبحث عن رجل اعبر له عن شعوري ، احلم بأن أخبرهم كم هي " حكومتنا رشيدة "
أريد أن أقف على طرف رصيف مكسور ، بالقرب من حفرة لا هي هاتف ولا ماء ولا حتى صرف ، ولكنها
مشروع ما ينجزه الوطن وسأسمع عنه في الجرائد ، وسيخبرونني أنه من أجلي .
أريد أن أقف بجوار مطعم على بابه سيدة تحتضن طفل رضيع ، وتمد يديها يقفازات تسترها ، وتطلب ريالا
وخمسة وستة ، كي أشرح كم هي " حكومتنا " تنهتم بالفقراء والمساكين وكيف ان الجمعيات الخيرية لم
تبقي أحدا يمد يديه للناس .
بحثت عن ذلك الرجل
ووصفتخ لهم .
قلت من المفروض انه مواطن مثلي ، يحمل كاميرته ومايكرفونه ، ويدور بين الناس بتفويض من جريدة ما ، أو
قناة ما . لينقل مشاعر الناس لحكام الناس . لم يسمع به أحد
ولم يشاهده أحد
ولكن موكب طويل يمر بي سريعا ، ويخطف بصري نحو وسط المدينة ، حيث أكبر مراكز الحكومة ، وحيث
مكتب المدير العام للمدينة . لحقت بهم أريد المشاركة بالتشجيع والتعبير عن حبي لهذا الوطن . أوقفوني
على الباب وأخبروني أن هذا المكتب لا يدخله إلا مواطنين خاصين ، من فئة الـ VIP وأعلم أن فئتي هي o-
وأن بنوك الدم تفرح بحضوري جدا وتقول لي انت نادر جدا . ومهم جدا ، وخاص جدا .
ويبقونني ممدا في راحة يلبون لي كل طلباتي من الشراب والأكل .
إن دمي VIP
أريد أن ادخل
أريد أن اشارك في الاحتفال
وشاهدت من ابحث عنهم
هناك يستابقون على شخص واحد يتكلم نيابة عني ، اسمعه يقول إن المواطن وإن المواطن وإن المواطن ، وأنا
على الباب حاضر ، اريد ان اتحدث بنفسي ، الست انا المواطن الذي يتحدث نيابة عنه ؟
وبدأت أصارخ ، أنا المواطن يا رشيدة
أنا المواطن يا رشيدة
نسبة إلى حكومتنا الرشيدة .
وجائني رجل من طرف الإمارة يسعى ، ماذا تريد ؟
ولم ينتظر الإجابة .
اخبرني أن اكتب كل ما أريد قوله في ورقة ، واقدم معها صورة من بطاقة احوالي المدنية ، وصورة شخصية ،
وحتى مقدمة الخطاب كفاني بها فكانت مطبوعة جاهزة .
إلى صاحب العلو الفلكي المنير / .......... / حفظه الله ورعاه
أنا المواطن / .............
ارفع إليكم خطابي هذا وارجوا من الله أن يجد لديكم قبولا
.....................
..........
الاسم
التوقيع
رقم البطاقة .
حاولت أن اشرح لهذا الرجل ، أن كلماتي البسيطة لا تستطيع الارتفاع أكثر من مستوى رأسي ، فكيف ارفع
خطابا بهذا الحجم ، وأن رقم بطاقتي طويل لا استطيع حفظه ، والبطاقة الضائعة تنتظر انهاء معاملتها ، والتوقيع
الذي أجيده هو ذلك الذي يشبه توقيعي في محاضر الحقوق المدنية حيث يطالبونني بسداد ديون لم استلم منها إلا
نصفها .
اخبرته
اريد أن اشكر الدولة والوطن
والحاكم والوزراء
اريد أن احبهم على الهواء مباشرة ، وأن ابتسم واضحك كي تطمئن امي التي تركتني ابتعد عنها الآف الأميال
بحثا عن وظيفة ، اريد أن يراني أصدقائي ومن حولي أشخاص يتقافزون كي اثبت لهم أن مكاني ليس قرية نائية
كما يزعمون ، وأن فيها شوارع وإنارة ولها مكتب كبير يديره رجل أكبر .
أريد أن اصرخ بكلمة " حكومتنا الرشيدة " كي يطمئن أبي أنني لست أعارض ، ولا اريد سوى أن أعيش
ويتيقن أنني اعمل بنصيحته حين قال لي أن احمد الله ، ففي عهده كان يرعى الغنم ولا يجد للعيد شيء يلبسه ،
وأن النفط ليس لي شأن فيه ، وأن الميزانية لا تخصني ، وأن ليس لي فيها سوى راتب امضغ به الخبز وتجرع به
الماء ، واتغرغر بما تبقى منه كي اعيش .
اريد أن اخبرهم أنني سعيد باليوم الوطني .
قال لي الرجل أن اكتب كل هذا في نفس الورقة ، وفعلت ، واعطاني رقما كي اراجع الصادر والوارد ، كي
اتحدث بمثل هذا في اليوم الوطني القادم .
إلى صاحب العلو الفلكي ،
أنا المواطن / فلان الفلاني
أريد أن اعرف / أين رشيدة ...؟
ويعلمون أننا لا نموت
لأننا لم نحيا
ويعلمون أننا نشبع
لأننا لا نجوع
ويعلمون أنني نرضى
لأننا لم نغضب
lolsab- ميدالية التميز
- عدد الرسائل : 82
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى